زمن الياسمين وزهوره الدافئة ( ذاكرة تطوان)

لكل مدينة رائحة تميزها ، فاريج زهر النارنج والبرتقال و شجيرات الياسمين العبقة هو رائحة تطوان التي تستقبلك وانت داخل اليها حتى ولو لم يكن الفصل ربيعا . وماء الزهر هو تحية اهل تطوان لضيوفهم في المناسبات الكبيرة يصنعونه في بيوتهم ، ويكون يوم ( التقطير ) بمثابة يوم عيد ، ومنظر قرويات الجبل بملابسهن النظيفة البهيجة وهن يبعن في الاسواق زهر النارانج والبرتقال و الياسمين ، منظر يشرح القلب ويبهج النفس . وقلما يشاهد مثله في مدينة اخرى من مدن المغرب .
واذا كانت ضاحية ( المر ) التي يحتظنها جبل ( غرغيز ) بحنانه الصامت قد اشتهرت بلوزها ومشمشها وتينها ، فان ضاحية ( كيتان ) كانت تتباهى ببساتين البرتقال وبمياهها الصافية الراوية .لقد قالوا عن تطوان انها بنيت في عام ( تفاحة ) وشبهوها بالحمامة البيضاء ،لا بسبب بياض منازلها وصوامعها فحسب ، بل لوداعة اهلها ورقتهم وجنوحهم الى السلام ايضا .
واهل تطوان شغوفون بكل ما هو ابيض من ثياب وافرشة وزهور . يلبسون البياض في الافراح والمأتم على السواء ، وكانت الاردية التي تلتحف بها النساء بيضاء ناصعة ، وحتى الدعاء عندهم فيه بياض ، فهم يقولون : ( الله يبيض سعدك ) .واهل تطوان يحبون الياسمين الابيض ، وكانوا يغرسون شجيراته الرقيقة المتطلعة في صحن المنزل او في سطحه ان لم تكن لهم بساتين وكانوا يجعلون من زهور الياسمين اطواقا يحلون بها لبات العرائس يوم زواجهن ، او صدور الصبايا يوم(الصوم ) كما كانوا يجللون سلال الفاكهة بزهرات الياسمين العبقة الغضة فتشتهيها النفس والعين معا .
ونساء تطوان كن يجعلن من سطح بيوتهن الصغيرة شبه حدائق بما يصنعن فيها من احواض ومحابق يغرسن فيها الفل والنرجس والسوسن والقرنفل والحبق والمرددوش ، ويتعهدن هذا الغرس بالتشذيب والسقي ويتباهين بما يحصلن عليه من زهور جميلة ورياحين ارجة .
وكانت سطوح المنازل في تطوان مرفقا هاما من مرافق البيت المقصورة على النساء ، يثرثرن فيها مع جارتهن اذ السطوح متلاقية وقد يفرشنها بالحصر اوالزرابي ويجلسن لشرب الشاي واكل الفطائر ، ومن سطوح البيوت ترقب النسوة اهلة رمضان وشوال وذي القعدة وربيع النبوي شهر المولد النبوي فتنطلق زغاردهن حينما يشهدن الهلال فيتبادلن التهاني والادعية بكلمات رقيقة مستفيضة .
ويسمع الرجال في الشارع والبيوت زغاريد النساء وتهليلهن من فوق السطوح فتنشرح صدور وتنبسط اسارير ، ويذكر قوم احبابهم البعيدين واقاربهم الراحلين ،فتخفق قلوب ، وتدمع عيون ، وتتوجع نفوس .
واذا كانت تطوان مدينة الزهور والبياض ، فهي مثوى المجاهدين والعلماء والاولياء والصالحين ، يذكرهم اهل تطوان بالفخر والخشوع فيجللون اضرحتهم بالزهور ، والرياحين ، ويضيئونها بالشموع ، ويطيبون جنباتها بالبخور .

شكرا اخي على الموضوع الرائع عن مدينتي الحمامة البيضاء جزاك الله خيرا

r7mit lah 3la dik zman daba mdina tkhaltit o had chi 3layin yn9arid

chokran lak akhi 7a9an mawdo3 tstahil 3lih kol khir wa sir ya ibn jabal lah ybiyid sa3dik

أشكر لكم مروركم العطر باريج الريحان و الياسمين أخواتي الأعــزاء .. و أتمنى لكم التوفيق في مسيرتكم العلمية و العملية جزاكم الله خيرا