منتديات أبناء المغرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أبناء المغرب


 
البوابةالبوابة  التسجيلالتسجيل  أحدث الصورأحدث الصور  الرئيسيةالرئيسية  دخولدخول  

 

 أمـــراض القــلـــوب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالأربعاء يوليو 04, 2007 12:54 pm

" مرض القلب " : هو نوع فساد يحصل له يفسد به

تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له

حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل

الضار ; فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب . كما فسر مجاهد وقتادة قوله : { في قلوبهم مرض }


أي شك . وتارة يفسر بشهوة الزنا كما فسر به قوله : { فيطمع الذي في قلبه مرض } .




آنتشرت امراض القوب آنتشارا كبيرا في وسطنا الإجتماعي ,ولا حول ولا قوة إلا بالله,وهي بكثرتها

ماكان فلا تعد ولا تحصى والله المستعان.

فآرتأينا ان نخصص هذه الصفحة المباركة لتناول بعد امراض القلوب وأضرارها علي الشخص

بعدما خصصنا صفحة لحلقة الاخلاق الحسنة.

فالله نسأل ان يطهر قلوبنا من هذه الامراض الخبيثة ويجعلها دوما متصلة بذكره ومحبته والإخلاص لـه

والإنابة إليه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالأربعاء يوليو 04, 2007 1:01 pm

أسباب مرض القلب وسمومه الضارة

آعلم أن المعاصي كلها سموم للقلب وأسباب لمرضه وهلاكه ، وهي منتجة لمرض القلب وإرادته غير

إرادة الله عز وجل ، وضررها للقلب كضرر السموم للأبدان .


قال الإمام ابن المبارك :


رأيتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ وقد يورثُ الذّل إدمانُهَــا

وتركُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ وخَيْرٌ لِنَفْسِـكِ عِصْيَانُهَـا


وللمعاصي من الآثار المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل ، وليس في

الدنيا والآخرة شرٌ وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي .


قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ما ملخصه
: " فما الذي أخرج الوالدين

من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب ؟ .


وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه؛ فجعلت صورته أقبح

صورة وأشنعها وباطنه أقبح من صورته وأشنع ، وبدل بالقرب بعدًا وبالرحمة لعنة ، وبالجمال قبحـًا ،

وبالجنة نارًا تلظى ، فهان على الله غاية الهوان وسقط من رحمته غاية السقوط ، وحل عليه غضب

الرب تعالى فأهواه ومقته أكبر المقت فأرداه ، فصار قوادًا لكل فاسق ومجرم ، رضى لنفسه بالقيادة بعد

تلك العبادة والسيادة ، فعياذًا بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك .


وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رأس الجبال ؟ وما الذي سلط الريح العقيم على

قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية ؟


وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم ؟ وما الذي
رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم

جميعـًا ، ثم أتبعهم حجارة من سجيل فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم ، ولإخوانهم

أمثالها ، وما هي من الظالمين ببعيد؟


وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل ، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارًا تلظى

؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم ، فالأجساد للغرق والأرواح
للحرق ؟


وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله ؟ وما الذي أهلك القرون من بعد نوحٍ بأنواع العقوبات

ودمرها تدميرًا ؟


وما الذي بعث على بني إسرائيل قومـًا أولي بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا

الذراري والنساء ، ثم بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبروا ما علوا تتبيرا ، وما الذي

سلط عليهم أنواع العذاب والعقوبات مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ، ومرة بجور الملوك ، ومرة

بمسخهم قردة وخنازير ، وآخر ذلك الرب تبارك وتعالى : (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ


مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ)
(الأعراف/167) .


فمن آثار الذنوب والمعاصي :

-أنها مدد من الإنسان يمد به عدوه عليه ، وجيش يقويه به على حربه .

- أنها تجرئ على العبد من لم يكن يجترئ عليه .

- الطبع على القلب إذا تكاثرت ، حتى يصير صاحب الذنب من الغافلين كما قال بعض السلف في قوله


تعالى : [color=red](كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
(المطففين/14) هو

الذنب على الذنب حتى يعمى القلب ، وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية، فإذا زادت غلب الصدأ

حتى يصير رانـًا ، ثم يغلب حتى يصير طبعـًا وقفـلاً فيصير القلب في غشاوة وغلاف .

- ومنها : أن ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة .

- ومنها أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضـًا .

- ومنها : ظلمة يجدها في قلبه يحس بها كما يحس بظلمة الليل ، كما روى عن ابن عباس أنه قال :
" إن للحسنة نورًا في الوجه ، وضياءً في القلب ، وسعة في الرزق ، ومحبة في

قلوب الخلق ، وإن للمعصية سوادًا في الوجه وظلامـًا في القلب ، وضيقـًا في الرزق ، وبُغْضَةً في

قلوب الخلق "
.

- ومنها : أن المعاصي توهن القلب والبدن ، أما وهنها للقلب فأمر ظاهر ، بل لا تزال توهنه حتى
تزيلحياته بالكلية ، وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته في قلبه وكلما قوي قلبه قوي بدنه .

- ومنها : تعسير أموره فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقـًا دونه أو متعسرًا عليه كما قال بعض السلف :

إني لأعصي الله فأجد ذلك في خُلق دابتي وامرأتي .


- ومنها : الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير ، قال أبو الدرداء :

ليتق أحدكم أن تعلنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر ، يخلو بمعاصي الله فيلقى
الله له البغض في قلوب المؤمنين .

- ومنها سقوط الجاه والكرامة عند الله وعند خلقه : (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِم)(الحج/18) .


- ومنها : أنها تطفئ في القلب نار الغيرة .

- ومنها : ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب .

- ومنها : أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة .

- ومنها : أن العبد لا يزال يرتكب المعاصي حتى تهون عليه وتصغر في قلبه ، قال ابن مسعود :

" إن المؤمن يرى ذنبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنبه كذباب وقع على

أنفه فقال به هكذا "
(رواه الترمذي) .

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ : " إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر

كنا لنعدها على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الموبقات "
(رواه البخاري) .

وقال بلال بن سعد : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن إلى عظمة من عصيت.
وسنذكر هنا إن شاء الله تعالى سموم للقلب ، وهي من أكثر السموم انتشارًا ، وأشدها تأثيرًا في حياة

القلب .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالأربعاء يوليو 04, 2007 1:09 pm

من علامات مرض القلــــب


فمن علامات مرض القلب أن يتعذر على العبد ما خلق له من معرفة الله

ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثار ذلك على كل شهوة ، فيقدم العبد حظه وشهوته على

طاعة الله ومحبته ، كما قال الله عز وجل : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ

عَلَيْهِ وَكِيلاً)
(الفرقان:43) .

قال بعض السلف: هو الذي كلما هوى شيئا ركبه . فيحيا في هذه الحياة الدنيا حياة البهائم لا يعرف ربه

عز وجل ولا يعبده بأمره ونهيه كما قال تعالى : ( يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ

وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ)(
محمد: من الآية12) .


والجزاء من جنس العمل فكما لا يحيا الحياة التي يحبها الله عز وجل ويرضاها وهو كذلك ليس جمادا لا

يحس ، بل يحيا من أجل أن يعصى الله عز وجل بنعمه ، فهو كذلك في الآخرة لا يحيا حياة يجد فيها
راحته ، ولا يموت فيفقد الإحساس بالألم، فلا يموت ولا يحيا (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ

وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ)
(إبراهيم:17) .




ومن علامات مرضه أن صاحبه لا تؤلمه جراحات المعاصي كما قيل :

" وما لجرح بميت إيلام " ، فالقلب الصحيح يتوجع بالمعصية ويتألم

لها فيحدث له ذلك توبة ، وإنابة إلى ربه عز وجل ، كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا

إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201) .


وقال تعالى في وصف المتقين : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُو
ا اللَّهَ

فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)
(آل عمران: من الآية135) .

الآية أي ذكروا عظمة الله عز وجل وتوعده وعقابه فأحدث لهم ذلك استغفارا

فمريض القلب يتبع السيئة السيئة كما قال الحسن في قوله عز و جل : ( كلا بل ران

على قلوبهم ما كانوا يكسبون )
هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب
أما سليم القلب فيتبع السيئة الحسنة والذنب التوبة .



ومن علامات مرضه أن صاحبه لا يوجعه جهله بالحق ، فإن القلب السليم

يتألم بورود الشبهات عليه ، ويتألم بجهله بالحق وبعقائده الباطلة ، فالجهل مصيبة من أكبر المصائب

يتألم بها من كان في قلبه حياة، قال بعض العلماء : " ما عصى الله بذنب أقبح
من الجهل ؟ ، "

وقيل للإمام سهل : يا أبا محمد أي شيء أقبح من الجهل؟ قال " الجهل

بالجهل "
،قيل : صدق لأنه يسد باب العلم بالكلية .


ويقول القائل :


وفي الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور


وأرواحهم في وحشةٍ من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور


ومن علامات مرضه عدول صاحبه عن الأغذية النافعة إلى السموم الضارة ،

كما يعرض أكثر الناس عن سماع القرآن الذي أخبر الله عز وجل عنه فقال :

( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (الإسراء : 82).

ويستمعون إلى الغناء الذي ينبت النفاق في القلب ويحرك الشهوات وفيه من الكفر بالله عز وجل ما فيه

، فالعبد يقدم على المعصية لمحبته لما يبغضه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فالإقدام على

المعصية نتيجة لمرض القلب ويزيد في مرض القلب ، وكلما سلم القلب أحب ما يحبه الله عز وجل وما

يحبه رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي

قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)
(الحجرات:7)

وقال صلى الله عليه وسلم : ( ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا

وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا "
.(رواه مسلم وغيره )

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله والناس

أجمعين "
. ( البخاري ومسلم )


ومن علامات مرضه أن يستوطن صاحبه الدنيا ويرضى بها ويطمئن فيها ولا

يحس فيها بغربة ولا يرجو الآخرة ولا يسعى لها سعيها، وكلما صح القلب من مرضه ترحل إلى الآخرة ،

فيعطي الناس ظاهره ويخالفهم بباطنه ، يرى ما هم فيه ولا يرون ما هو فيه ، ويكون حاله في الدنيا
كماوصى الرسول الله عليه وسلم :" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل "


. ( البخاري وغيره )

الحســــــــــــــد


الحسد خُلُق ذميم مع إضراره للبدن وإفساده للدِّين ، حتى لقد أمر الله تعالى بالاستعاذة من شره :

(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (الفلق/5) .

وناهيك بحال ذلك شرًا ، ولو لم يكن من ذم الحسد إلا أنه خلق دنيء ، يتوجه نحو الأقارب والأكفاء ،

ويختص بالمخالط والصاحب ، لكانت النزاهة عنه كرمـًا ، والسلامة منه مغنمـًا ، فكيف وهو بالنفس

مُضر ، وعلى الهم مُصِرٌّ ، حتى ربما أفضى بصاحبه إلى التلف من غير نكاية في عدوٍ ، ولا إضرار

بمحسود .

إن الحاسد صاحب نفس خبيثة تكره رؤية النعمة بادية على الآخرين ؛ ولهذا يتمنى الحاسد زوال النعمة

عن المُنْعَم عليه .


دواعي
الحسد

ذكر العلماء دواعي الحسد ,فأورد الماوردي أنها ثلاثة :


1) بُغض المحسود ، فإذا كانت له فضيلة تُذكر أو منقبة تُشكر ثارت نفس من أبغضه حسدًا .

2) أن يظهر من المحسود فضل يعجز عنه الحاسد فيكره تقدمه فيه ، فيثير ذلك حسدًا ، فالحسد هنا

يختص بمن علا مع عجز الحاسد عن إدراكه .

3) السخط على قضاء الله تعالى ، فيحسد الآخرين على ما منحهم الله تعالى إياه ، وإن كانت نعم الله

عنده أكثر ، ومِنَحه عليه أظهر .

وهذا النوع من الحسد أعمها وأخبثها ؛ إذ ليس لصاحبه راحة ، ولا لرضاه غاية .

دفع شر الحاسد


قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : ويندفِعُ شرُّ الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب :

السبب الأول : التعوذ بالله من شره ، والتحصن به

واللجوء إليه .

السبب الثاني : تقوى الله تعالى ، وحفظه عند أمره ونهيه .

فمن أتقى الله تعالى تولَّى الله عز وجل حفظه ، ولم يكِلْه إلى غيره .

السبب الثالث : الصبر على عدوه ، وألا يقاتله ولا يشكوه ،

ولا يحدّث نفسه بأذاه أصلاً فما نُصِرَ على
حاسده وعدُوِّه بمثل الصبر عليه .

السبب الرابع
: التوكل على الله .


فمن توكل على الله فهو حسبُه ، والتوكُّل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يُطيق من أذى

الخلق وظلمهم وعُدوانهم .

وهو من أقوى الأسباب في ذلك ، فإن الله تعالى حسبُهُ ، أي كافيه ، ومن كان الله عز وجل كافيه وواقيه

فلا مطمع فيه لعدوّه .


السبب الخامس : فراغُ القلب من الاشتغال به والفكر فيه ،

وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له .

فلا يلتفت إليه ، ولا يخافه ، ولا يملأُ قلبهُ بالفكر فيه .

وهذا من أنفع الأدوية ، وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره .

السبب السادسُ : الإقبالُ على الله تعالى والإخلاص له ،

وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محلِّ خواطرِ نفسه وأمانِيِّها تدِبُّ فيها دبيب تلك الخواطرِ شيئـًا ،

حتى يقهرها ويغمرها ويذيبها بالكلية ، فتبقى خواطره وهواجسُهُ وأمانيُّه كُلُّها في محابِّ الرَّبِّ ،

والتقرُّب إليه .

السبب السابع : تجريد التوبة إلى الله تعالى من الذنوب

التي سَلَّطَتْ عليه أعداءه .

فإن الله تعالى يقول : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى/30) .


السبب الثامن : الصدقة والإحسانُ ما أمكنه ، فإن لذلك

تأثيرًا عجيبـًا في دفع البلاء ، ودفع العين ، وشر الحاسد ، ولو لم يكن في هذا إلا بتجارب الأمم قديمـًا

وحديثـًا لكُفي به .

فما حَرَسَ العبدُ نعمة الله عليه بمثل شُكرها ، ولا عرَّضها للزَّوال بمثل العمل فيها بمعاصي الله تعالى ،

وهو كُفرانُ النعمة ، وهو بابٌ إلى كفران المُنْعِمِ .

السبب التاسع :وهو من أصعب الأسباب على النفس ،

وأشقها عليها ، ولا يُوفَّق له إلا من عظُم حظُّهُ

من الله تعالى ، وهو إطفاءُ نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه ، فكلما ازداد أذى وشرًا وبغيـًا

وحسدًا ازددْت إليه إحسانـًا ، وله نصيحة ، وعليه شفقةً .

وما أظُنُّك تُصدِّقُ بأن هذا يكون فضلاً عن أن تتعاطاه ، فاستمع الآن إلى قوله عز وجل : (وَلا تَسْتَوِي

الْحَسَنَةُ
وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا

الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ
ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ

الْعَلِيمُ)
(فصلت/34 - 36) .


السبب العاشر : وهو الجامع لذلك كله ، وعليه مدارُ هذه

الأسباب ، وهو تجريدُ التوحيد ، والتَّرَحُّلُ بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم ، والعلمُ بأن

هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح ، وهي بيد مُحركها ، وفاطرها وبارئها ، ولا تضرُّ ولا تنفعُ إلا بإذنه ،

فهو الذي يُحسنُ عبدُهُ بها ، وهو الذي يصرفها عنه وحدهُ لا أحد سواه ، قال تعالى :

(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)

(يونس/107).


والحاسد صاحب معصية عظيمة ، فقد قال بعض السلف : " الحسد أول ذنب عُصي الله به في السماء ،

يعني حسد إبليس لآدم - عليه السلام - ، وأول ذنب عصي الله به في الأرض ، يعني حسد ابن آدم لأخيه

حتى قتله " .


كما أن الحاسد لا ينقطع همه .

قال بعض الأدباء : " ما رأيت ظالمـًا أشبه بمظلوم من الحسود ، نَفَسٌ دائم ، وهَمٌّ لازم ، وقلبٌ هائم " .


والحاسد مسيء للأدب مع الله سبحانه وتعالى .

قال الشاعر :

يا حاسـدًا لـي على نعمـتي أتدري على مَنْ أسأت الأدبْ ؟
أسـأت علـى الله في حُكمـه لأنك لم تـرضَ لي ما وهبْ
فأخـزاك ربـي بأن زادنـي وسَـدَّ عليك وجـوه الطلبْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالخميس يوليو 05, 2007 5:50 am

[color=chocolate]الغرور

مما
لا شك فيه أن الأخلاق الرذيلة هي معاول هدم وتدمير للأفراد والمجتمعات ،
فمهما انحرف الأفراد والمجتمعات عن مكارم الأخلاق ، وشاعت فيهم الأمراض

والأوبئة المتمثلة في مساوئ الأخلاق تعرضت هذه المجتمعات للتفكك والانهيار مما يهدد وجودها واستمرارها.


ومن أعظم المفاسد الأخلاقية التي يتعرض لها الأفراد والمجتمعات الغرور،
ذلك الداء الذي يدل على نقصان الفطنة وطمس نور العقل والبصيرة ، فينخدع
العبد

بما آتاه الله من أسباب القوة والجمال وحطام الدنيا الفاني
؛ فيتعالى على الناس ويتكبر، ثم يتكبر على ربه وخالقه ومولاه ، فلا يخضع
له ولا يقوم بواجب

العبودية ، بل يسير وراء شهواته ونزواته غير
عابئٍ بنظر الله إليه ، غير مكترث بالناس من حوله، فقد زينت له نفسه ،
وبررت له الأخطاء ، والله عز وجل يقول:

(يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار:6-7 )

يعني:
ما خدعك وسوّل لك ؟ وكيف اجترأت على ربك فأضعت ما وجب عليك ، وارتكبت ما
حرم عليك ، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد المغرور الذي سكنت نفسه

إلى ما يوافق هواها ولو كان فيه ما يغضب الرب تبارك وتعالى.

بين الغرور والجهل:

إن أحد الأسباب الباعثة على تمكن هذه الآفة من النفوس هو الجهل، الجهل بحقيقة النفس، والجهل بحقيقة
الحياة، والجهل بصفات الرب جل وعلا، فإذا جهل

الإنسان كل هذه المعاني رفع نفسه فوق قدرها ، وترفع على الخلق ، وتكبر على الله فصار من المغرورين.

[color=deeppink]أنواع الغرور:


ذكر
بعض العلماء أن الغرور أنواع، وهي متفاوتة، يقول الغزالي رحمه الله : أظهر
أنواع الغرور وأشدها غرور الكفار وغرور العصاة والفُسّاد.

ثم ذكر رحمه الله ما ملخصه:

المثال الأول: غرور الكفار ، فمنهم من غرته الحياة الدنيا، ومنهم من غره بالله الغرور، أما الذين غرتهم الحياة الدنيا فهم

الذين
قالوا: النقد خير من النسيئة " والمراد بالنقد البيع المعجل ، والنسيئة هي
البيع الآجل" والدنيا نقد والآخرة نسيئة ، فالدنيا إذن خير من الآخرة فلا
بد من

إيثارها . وقالوا أيضا: اليقين خير من الشك ولذات الدنيا
يقين ولذات الآخرة شك فلا نترك اليقين للشك. وعلاج هذا الغرور إما بتصديق
الإيمان وإما بالبرهان.

فأما التصديق بالإيمان فهو أن يصدق الله تعالى في قوله:

( ما عندكم ينفد وما عند الله باق). وقوله عز وجل: ( وللآخرة خير لك من الأولى) .

وأما
المعرفة بالبيان والبرهان فهو أن يعرف وجه فساد هذا القياس الذي نظمه في
قلبه الشيطان وهذا القياس الذي نظمه الشيطان فيه أصلان: أولا: أن النقد


خير من النسيئة وأن الدنيا نقد والآخرة نسيئة ..فهذا محل التلبيس لأن
الأمر ليس كذلك بل إن كان النقد مثل النسيئة في المقدار والمقصود فهو خير،
وإن كان

أقل منها فالنسيئة خير ، ولذلك فإن الكافر المغرور يبذل
في تجارته درهما ليأخذ عشرة نسيئة ..ولا يقول النقد خير من النسيئة فلا
أتركه ، والإنسان إذا حذّره

الطبيب الفواكه ولذائذ الأطعمة ترك ذلك في الحال خوفا من ألم المرض في المستقبل . ثانيا: أن اليقين خير من الشك فهذا القياس أكثر فسادا من الأول ،

إذ
اليقين خير من الشك إذا كان مثله ، وإلا فالتاجر في تعبه على يقين، وفي
ربحه على شك، والمتفقّه في جهاده على يقين وفي إدراكه رتبة العلم على شك ،


والصياد في تردده في المقتنص على يقين ، وفي الظفر بالصيد على شك .

وهذا
القياس الخاطئ يتيقّن منه المؤمن وليقينه مدركان. أحدهما : الإيمان
والتصديق وتقليدا للأنبياء والعلماء ، وذلك أيضا يزيل الغرور وهو مُدرك
يقين العوام

وأكثر الخواص، ومثالهم مثال مريض لا يعرف دواء علته
وقد اتفق الأطباء على أن دواءه النبت الفلاني ، فإن المريض تطمئن نفسه إلى
تصديقهم ولا يطالبهم

بتصحيح ذلك بالبراهين الطيبة ، بل يثق
بقولهم ويعمل به. والخلاصة : أن غرور الشيطان بأن الآخرة شك ، يُدفع إما
بيقين تقليدي، وإما ببصيرة ومشاهدة من

جهة الباطن، والمؤمنون
بألسنتهم وعقائدهم إذا ضيعوا أوامر الله تعالى وهجروا الأعمال الصالحة
ولابسوا الشهوات والمعاصي فهم مشاركون للكفار في هذا

الغرور
لأنهم آثروا الحياة الدنيا على الآخرة إلا أن أمرهم أخف لأن أهل الإيمان
يعصمهم من عقاب الأبد فيخرجون من النار ولو بعد حين. ومجرد الإيمان لا
يكفي

للفوز ، قال تعالى: [color=orange]( وإني لغفار لمن تاب و آمن وعمل صالحا ثم اهتدى).

والمثال الثاني : غرور العصاة من المؤمنين...بقولهم : إن الله كريم وإنا نرجو عفوه ، واتكالهم على ذلك وإهمالهم الأعمال،

وتحسين
ذلك بتسمية تمنيّهم واغترارهم رجاء وظنهم أن الرجاء مقام محمود في الدين،
وأن نعمة الله واسعة ورحمته شاملة ويرجونه بوسيلة الإيمان. فإن قلت


فأين الغلط في قولهم هذا، وقد قال المولى أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي
خيرا، فهذا كلام صحيح مقبول في الظاهر ولكن اعلم أن الشيطان لا يغوي
الإنسان

إلا بمثل هذا، ولولا حسن الظاهر لما انخدع به القلب، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كشف عن ذلك فقال: " الكيس من دان نفسه وعمل

لما بعد الموت ، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله "
وهذا التمني على الله غّير الشيطان اسمه فسماه رجاء حتى خدع به الجهال ، وقد شرح

الله الرجاء فقال:

( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله). يعني أن الرجاء بهم أليق ، لأن ثواب الآخرة

أجر وجزاء على الأعمال فقد قال تعالى: ( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) فلو أن شخصا استؤجر لإصلاح شيء وشرُط له

أجرة
، وكان الشارط كريما بما يفي بالوعد ويزيد عليه ، فجاء الأجير وأخذ هذا
الشيء ثم جلس ينتظر الأجر بزعم أن المستأجر كريم ، أفيرى العامل ذلك تمنيا


وغرورا أم رجاء؟

وهذا
للجهل بالفرق بين الرجاء والغرور ، وقد قيل للحسن : قوم يقولون نرجو الله
ويضيعون العمل ، فقال: هيهات هيهات تلك أمانيهم يترجحون فيها،من رجا

شيئا طلبه ومن خاف شيئا هرب منه.

فإن قلت فأين مظنة الرجاء وموضعه المحمود: فاعلم أنه محمود في موضعين:

أحدهما في حق العاصي المنهك إذا خطرت له التوبة فيقنطه الشيطان ، هنا يقمع القنوط بالرجاء ، ويتذكر قوله تعالى: [color=orange]( إن الله يغفر

الذنوب جميعا).
فإذا توقع المغفرة مع التوبة فهو راج.

ثانيهما:
في حق من تغتر نفسه عن فضائل الأعمال ويقتصر على الفرائض ، فيرجّي نفسه
نعيم الله تعالى وما وعد به الصالحين حتى ينبعث من رجائه نشاط

العبادة فيقبل على الفضائل ويتذكر قوله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون) إلى قوله تعالى:
( الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون).

المثال الثالث: غرور طوائف لهم طاعات ومعاص إلا أن معاصيهم أكثر، وهم يتوقعون المغفرة ويظنون أنهم بذلك تترجح

كفة
حسناتهم ، مع أن ما في كفة السيئات أكثر، وهذا غاية الجهل ، فترى الواحد
يتصدق بدراهم من الحلال والحرام وما يتناوله من أموال المسلمين أضعاف

ذلك ويظن أن إنفاق عشرة في الصدقة يكفرّ عن مائة من مشبوه المال، وذلك غاية في الجهل والاغترار.

الفرق بين الثقة بالله والغرور والعجز:

قال
ابن القيم: الفرق بينهما : أن الواثق بالله قد فعل ما أمره الله به ، ووثق
بالله في طلوع ثمرته وتنميتها وتزكيتها كغارس الشجرة وباذر الأرض ، والمغتر

العاجز قد فرط فيما أُمر به ، وزعم أنه واثق بالله ، والثقة إنما تصح بعد بذل المجهود.

وقال
رحمه الله : إن الثقة سكون يستند إلى أدلة وأمارات يسكن القلب إليها فلكما
قويت تلك الأمارات قويت الثقة واستحكمت ولا سيما على كثرة التجارب

وصدق الفراسة.

وأما
الغرة فهي حال المغتر الذي غرته نفسه وشيطانه وهواه وأمله الخائب الكاذب
بربه حتى أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ، والغرور ثقتك بمن

لا يوثق به وسكونك إلى من لا يُسكن إليه ورجاؤك النفع من المحل الذي لا يأتي بخير كحال المغتر بالسراب.

ومن
أعظم الغرة أن ترى المولى عز وجل يُتابع عليك نعمه وأنت مقيم على ما يكره
، فالشيطان وكّل بالغرور ، و طبع النفس الأمارة الاغترار ، فإذا اجتمع
الرأي

والبغي والشيطان الغرور والنفس المغترة لم يقع هناك خلاف "
في حدوث الغِرة" فالشياطين غروا المغترين بالله وأطمعوهم – مع إقامتهم على
ما يسخط الله

ويبغضه – في عفوه وتجاوزه ، وحدثوهم بالتوبة لتسكن قلوبهم ثم دافعوهم بالتسويف حتى هجم الأجل فأُخذوا على أسوأ أحوالهم وقال تعالى في هؤلاء:

[color=orange]( وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور).
وأعظم الناس غرورا بربه من إذا مسه الله برحمة منه وفضل قال" هذا

لي
" أي أنا أهله وجدير به ومستحق له ثم قال" وما أظن الساعة قائمة" فظن أنه
أهلٌ لما أولاه من النعم مع كفره بالله، ثم زاد في غروره

فقال" ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى"
يعني الجنة والكرامة وهكذا تكون الغرة بالله ، فالمغتر بالشيطان مغتر بوعوده وأمانيه وقد ساعده

اغتراره بدنياه ونفسه فلا يزال كذلك حتى يتردى في آبار الهلاك.

فيا
أيها العبد الضعيف : إن الله عز وجل حذرك من الوصول إلى هذا الحال ،
وأعلمك بقرب وقوفك بين يديه للحساب والجزاء في يوم تشيب لهوله الولدان

(يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي
وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ

الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
(لقمان:33) .

فإياك
إياك أن تكون بالله مغرورا واستحضر قول عبد الله بن مسعود : ما منكم من
أحد إلا وسيخلو الله به يوم القيامة ، فيقول له : يا ابن آدم ما غرك بي؟

يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟

نسأل الله أن يرزقنا البصيرة وأن يصلحنا ظاهرا وباطنا وأن يقينا شر الغرور.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالخميس يوليو 05, 2007 5:54 am

البذاء

مما
لا شك فيه أن شريف النفس لا يستسهل الألفاظ القبيحة؛ حتى لا يكون أهلاً
لمقت الله، واستخفاف الناس بشخصه، ولا شك أن بذاءة اللسان مذمومة ومنهي

عنها،ولا شك أيضا أن الألفاظ القبيحة كثيرة.

الباعث على البذاءة


ومصدر البذاءة الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء وإما الاعتياد
الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم لأن من عادتهم السب. وفي كل

الأحوال فقد نهى الله عن البذاءة والمجاهرة بالألفاظ القبيحة في قوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ

سَمِيعاً عَلِيماً}
[النساء:148]. بل بيَّن الله في كتابه أن ذلك من صفات المنافقين الذين وصف الله حالهم مع المؤمنين فقال:

{أشحة عليكم...}
[الأحزاب:19].

فالمؤمن
لا يجاري السفهاء وأصحاب الخلاعة والبذاءة، بل يحافظ على مروءته صيانةً
لنفسه، وقد قيل: احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن

الجاهل خيرٌ من مشاكلته.

وقال بعض الشعراء:


احفظ لسانـك إن لقيت مشـاتمًا لا تجـريـن مـع اللئيـم إذا جـرى

من يشتري عرض اللئيم بعرضه يحوي الندامة حين يعرض ما اشترى


من مواضع البذاءة والفحش:

هناك
الكثير من المواضع والأوقات التي يلجأ فيها بعض ضعاف الإيمان ومن ساءت
أخلاقهم للبذاءة وقد بين شيئا منها الإمام الغزالي رحمه الله ، فقال:
ومواضع

ذلك متعددة ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها، فإن
التصريح في مثل هذه الحال فحش وينبغي الكناية عنها. وأكثر ما يكون في
ألفاظ الوقاع وما

يتعلق به، فإن لأهل الفساد عبارات صريحةً فاحشة
يستعملونها. وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشون عنها ويدلون عليها بالرموز
فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها،

ألم تر أن الله عز وجل كنى باللمس عن الجماع، ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل المس واللمس والدخول والصحبة؟!...

ويدخل
الفحش أيضًا والبذاءة في ذكر النساء والكلام عنهنَّ.. وكذلك يدخل في ذكر
العيوب التي يستحيا منها كالأعرج والأقرع..، فلا ينبغي أن يُعبر عنها

بصريح اللفظ.اهـ.

وقد عدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم البذاءة شعبة من النفاق، وأخبر أن الله عز وجل يبغض الفاحش البذيء فقال: "وإن الله ليبغض الفاحش البذيء".

كما بين صلى الله عليه وسلم أن البذاءة طريق إلى النار فقال: "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في

النار".


واعلم
رحمك الله أن من البذاءة استعمال أسماء الحيوانات لوصف الإنسان بها، قال
الإمام النووي رحمه الله: ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول

الشخص لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين: أحدهما أنه كذب، والآخر أنه إيذاء.ا.هـ.

أيها الحبيب: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن سبِّ الديك فقال:"لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". فهل يليق

بنا أن نسب خلق الله الذين شهدوا شهادة الحق؟!.

السلف يحذرون من البذاءة:

لقد
كان أجدادنا من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أبعد الناس عن البذاءة
والفحش، كما كانوا من أعظم الناس تحذيرًا من هذه الآفة العظيمة التي لا
يبتلى

بها إلا من ضعف إيمانه، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أَلْأَمُ شيءٍ في المؤمن الفحش.

ولما رأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان قال: لو كانت هذه خرساء كان خيرًا لها.

أما الأحنف بن قيس رحمه الله فقال: ألا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء، والخلق الدنيء.

وأما أحسن ما قال الشاعر:

انطـق مصيـبًا لا تكـن هَـذِرًا عَيَّابةً ناطقـًا بالفحـش والريب

وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر فإن نطقت فلا تكثر من الخطب

ولا تجب سائلاً من غير ترويـة وبالـذي لم تُسـل عنه فـلا تُجب


نسأل الله أن يطهرنا من جميع ما لا يرضيه، وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.



الــعجــب



اعلم رعاك الله أن العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى :


( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً)

[التوبة:25] وقال عز وجل : ( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ

فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا )
[الحشر: 2]

فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم

وشوكتهم . و قال تعالى : ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم

يحسنون صنعا )
[ الكهف : 104].


وهذا يرجع أيضا إلى العجب بالعمل وقال صلى الله عليه وسلم :

" ثلاث منجيات وثلاث مهلكات ، فأما المنجيات فتقوى الله في السر والعلانية

، والقول بالحق في الرضا والسخط ، والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات فهوى متبع ، وشح

مطاع، وإعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن " .

وقال صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه،

خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . "


قوله : يتجلجل في الأرض أي ساخ فيها .

وقال ابن مسعود : الهلاك في اثنتين : القنوط والعجب .

وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير ، و الإنسان القنوط لا يسعى

ولا يطلب ، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وظفر بمراده فلا يسعى ، وقال الله تعالى : (

لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )
[البقرة:264] . والمن نتيجة استعظام العمل وهو العجب .

بيان خطر داء العجب

إن خطر داء العجب عظيم فإنه يدعو إلى الكبر لأنه أحد أسبابه فيتولد من العجب الكبر، ومن الكبر آفات

كثيرة لا تخفى، هذا مع العباد، وأما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى إهمال الذنوب ونسيانها ، فلا يحدث

لها توبة ويستعظم أعماله وطاعاته ويمن على الله بفعلها ، والمعجب يغتر بنفسه وبرأيه ويأمن مكر الله

وعذابه ويظن أنه عند الله بمكان ولا يسمع نصح ناصح ولا وعظ واعظ ، ويمنعه عجبه عن سؤال أهل

العلم فهذا وأمثاله من آفات العجب ، فلذلك كان من المهلكات .ومن أعظم الآفات التي تدخل على

المعجب أن يفتر في العمل الصالح الذي هو سب النجاة لظن المعجب أنه قد فاز ، وأنه قد استغنى وهو

الهلاك الصريح، نسأل الله العظيم حسن التوفيق لطاعته .

وبسبب هذه الآفات المهلكة التي تنتج عن العجب كان السلف رضي الله عنهم يحذرون منه أشد التحذير،

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:لو كان العجب رجلا لكان رجل سوء.وكان يحيى بن معاذ ي

قول :إياكم والعجب فإن العجب مهلكة لأهله،وإن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. ورأى

محمد بن واسعولده يختال فدعاه وقال:أتدري مَن أنت؟ أما أمك فاشتريتها بماتي درهم،وأما أبوك فلا

أكثر الله في المسلمين مثلَه.



وقال ابن عوف رحمه الله:

عجبت من مُعجبٍ بصورته وكان بالأمس نطفةً مَذِرة

وفي غدٍ بعد حُسْنِ صورته يصير في اللحد جيفة قذرة

وهـو على تِيهه و نَخْوَته ما بين ثوبيه يحمل العذرة




بيان علاج العجب على الجملة :


اعلم أن علاج كل علة هو مقابلة سببها بضده وعلة العجب الجهل المحض ، أي جهل العبد بنفسه

وبربه عز وجل فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل ، فالعجب إما بالعلم أو المال أو النسب وكل ذلك

بفضل الله عز وجل ومنه ، قال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله )

[ النحل : 53)]

وقال تعالى : ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك )

[ النساء : 79]


والحسنة في الآية هي النعمة، والسيئة هي المصيبة ، وأعظم النعم هي نعمة الهداية والتوفيق للعلم

والعمل فمنشأ العجب هو الجهل وكفران نعمة الله عز وجل على العبد قال تعالى :

( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدا)
(النور: 21).


و العبد مهما بلغ في العلم والعمل فإنه لا يدخل به الجنة حتى يتغمده الله عز وجل برحمته كما قال سيد

الخلق صلى الله عليه وسلم وأفضلهم لأصحابه وهم خير الناس : " ما منكم من

أحد ينجيه عمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته " .



قال بعضهم : لا تغتر بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا ، ولا تأمن من الذنوب فإنك لا تدري كفرت

عنك أم لا ، إن عملك كله مغيب عنك . أما المال فليس للعبد فضل فيه بل هو
محض فضل من الله عز

وجل وقد أخبر الله عز وجل عن الكافر الذي أعجب بماله فقال :[color=tomato] ( أنا أكثر منك

مالاً وأعز نفراً ).
[الكهف : 34] .


وقال عن قارون : ( إنما أوتيته على علم عندي ) [ القصص : 78]

وأخبر الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً

وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
[الحجرات:13].

وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية ـ أي كبرها ـ

كلكم بنو آدم وآدم من تراب ".



فحري بالعبد أن يتذكر دائما نعم الله تعالى عليه وأن هدايته وتوفيقه للعمل إنما هو محض فضل وإنعام

من الله تعالى وليس للعبد في ذلك نصيب،وأن يخاف من سيئاته أن توبقه وتهلكه ،نسأل الله الكريم أن

يطهر قلوبنا من كل ما لا يرضيه



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالخميس يوليو 05, 2007 6:06 am

الجفاء

إن
الجفاء صفة ذميمة و مظهر من مظاهر سوء الخلق، يورث التفرق و الوحشة بين
الناس و يقطع ما أمر الله به أن يوصل، فكم من بيت تخرب و أسرة تهدمت
بسببه،

و كم من جفوة و نفرة بين الأحبة حدثت بسبب غلظة الطبع و
الخرق في المعاملة و ترك الرفق في الأمور، والجفاء قد يكون طبعا و قد يكون
تطبعا و كلاهما سيئ، و المؤمن

الحق يتدارك نفسه بالبعد عن أسبابه و صوره، و في الحديث: "من بدا جفا". (رواه أحمد و الترمذي و قال حسن صحيح)، أي من سكن

البادية
غلظ طبعه، والإنسان ابن بيئته - كما يقولون - فالجفاء يزيد في أهل المغرب
عن أهل المشرق، و في أهل البادية و رعاة الإبل عن غيرهم، و عن ابن
مسعود-رضي الله

عنه- أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " الإيمان ها هنا- و أشار إلى اليمن- و الجفاء و غلظ القلوب في القدّادين ( المكثرون من الإبل) عند أصول أذناب

الإبل من حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعه و مضر".
(رواه البخاري و مسلم).

وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، و البذاء من الجفاء و الجفاء في النار".

(رواه الترمذي و ابن ماجة، و قال: حسن صحيح).

لكل شيء من اسمه نصيب

لقد
لوحظ التناسب الواضح بين الأسماء و المسميات و بين الإنسان و الكون من
حوله، و بينه و بين طبيعة مهنته، فطبيب الأطفال قد يفترق عن طبيب الجراحة،
و طبع الجند

و العسكر قد يختلف عن غيرهم، و ليس لأحد أن يبرر
جفاءه متعللا بطبيعة النشأة و البيئة أو الصنعة، فقديما قالوا: ما عُصِيَ
الله إلا بالتأويل.

القرآن يذم الجفاء

و قد وردت النصوص تذم الجفاء و تنفر منه، قال تعالى: ( فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)

(آل
عمران:159). و قال سبحانه: ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا و لكن قست
قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) (الأنعام:43). وقال: ( أفمن
شرح الله صدره

للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) ( الزمر:22).

و قال جل و علا: (
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا
يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم

و كثير منهم فاسقون)
(الحديد:16).

والسنة تنهى عن الجفاء


وكما ورد ذم الجفاء في القرآن الكريم فقد ورد النهي عنه في السنة المطهرة
، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم:

" إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط". (رواه أبو داود

وحسنه الألباني). وقد ورد في أخبار الساعة: "وإذا كانت العُراة الحُفاة الجُفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها...". ( الحديث ، رواه أحمد و

البخاري و مسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم: " قال أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". (رواه البخاري و مسلم).

و الألد الخصم هو الذي يفجر في خصومته، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تهجّروا( أي لا تتكلموا بالكلام

القبيح) و لا تدابروا، ولا تجسسوا، و لا بيع بعضكم على بيع بعض، و كونوا عباد الله إخوانا".
(رواه مسلم).

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليالٍ ، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا

و يُعْرِضُ هذا ، و خيرُهُما الذي يبدأ بالسلام"
. (رواه البخاري و مسلم) وهذا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لا شك مظهر من مظاهر الجفاء. وعن أبي

هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فمات دخل النار". (رواه أبو داوود


و صححه الألباني) .عن أبي خراش السلمي رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ".
(رواه أبو داوود

وصححه الألباني).

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " المؤمن مَأْلَفَةٌ (يعني يألف الناس ويألفونه)، و لا خير فيمن لا يألف و لا

يؤلف".
(رواه أحمد، و قال الألباني :صحيح على شرط مسلم).

وبالجملة
فالجفاء و الغلظة يبغضها الله عز وجل والملائكة والناس أجمعون، وعلى
المؤمن أن يتخلى عن العنف والقسوة والعبوس والطيش وسوء المعاملة وعقوق
الوالدين

وسوء الظن، و أن يتحلى بمعاني الرفق و الرحمة والبر
والعطف و الحلم، فالتخلية قبل التحلية، و أن يجاهد نفسه في التباعد عن
أسباب العنف و صوره، قال تعالى

Sadقد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها) و قال: ( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين)

و
على العبد أن يجأر إلى الله بالدعاء عساه يرزقه حسن التأسي بنبيه صلى الله
عليه و سلم فقد كان ألين الناس ضحاكا بساما يصل الرحم ويحمل الكل و يكسب

المعدوم و يقري الضيف و يعين على نوائب الحق، و من كان كذلك لا يخزيه الله أبدا كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.

هيا بنا نتخلق بأخلاق المؤمنين، فالمؤمن هين لين سهل ذلول منقاد للحق يألف و يؤلف و لا خير في الجافي الغليظ
الذي لا يألف و لا يؤلف.

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين





الحماقة


إن
من أعظم الأدواء التي يبتلى بها المرء في هذه الحياة داء الحمق ؛ فالحمق
شر كله، والأحمق عدو نفسه ؛ لما يسبب لنفسه من الضرر، وهو كاسد العقل
والرأي لا يحسن شيئًا.

الحماقات متعددة


والحماقات والسفاهات التي تدل على الخفة والطيش والرعونة كثيرة وعديدة،
تجدها على مستوى الفرد والجماعة، والحاكم والمحكوم، والرجل والمرأة، فهذا
الذي خرج يبارز

ربه بالحرب، يكفر ويضجر ويظلم ويدمر الأخضر
واليابس مغترًا بقوته وبإملاء الله له هو شخص أحمق. وهذا الذي يمر على
مصارع الهلكى ويشاهد عظيم قدرة الله في خلقه

وانتقامه ممن يعصيه،
ويطالع السنن الكونية والشرعية ثم يظل سائرًا في غيه لا يرفع رأسًا بهذه
الآيات البينات ولا يسارع بتوبة وحسنات ماحيات... لا يقل في الحمق عن
سابقه.

وهذا الذي يُزوج ابنته من تارك الصلاة أو كافر أو فاسق لأنه
غني أو صاحب مركز مرموق يفعل ذلك بزعم محبة ابنته أو الشفقة عليها، وهو في
واقع الأمر يدمرها، فمن زوّج

ابنته من فاسق فقد قطع رحمها، ومن ضيع الصلاة فهو لما سواه أضيع.

وكذلك
الأمر بالنسبة لمن يترك الحبل على الغارب لأهله وولده، يأتيهم بالأجهزة
المفسدة ويتركهم يشاهدون أفلام الجنس وغيرها ويسمعون الأغاني الرقيعة
الخليعة بزعم

تسليتهم والترويح عنهم، هو إنسان يضيع نفسه ويضيع
رعيته، وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول، ولن تزول قدما ابن آدم من عند
الله حتى يُسأل كل راعٍ عمَّا استرعاه

حفظ أم ضيع: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة) [التحريم:6].

الأحمق لا ينتفع بجوارحه

إن الأحمق لم ينتفع بالجوارح والحواس التي أودعت فيه، وهذا شأن الكافر والمنافق الذي ذكره سبحانه في قوله: (يُخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون

إلا أنفسهم وما يشعرون)
[البقرة:9]، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) [البقرة:11]،

(أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين)
[البقرة:16]، (صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون) [البقرة:18].

وقال
تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الإنس والجن لهم قلوبٌ لا يفقهون بها
ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم
أضل أولئك هم الغافلون)

[الأعراف:179]. وقال سبحانه: (أرأيت من اتخذ إلهه هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلاً) [الفرقان:43].

أحاديث تذم الحمق

وقد وردت الأحاديث في ذم الحمق؛ ففي الحديث: "نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مُصيبة، خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة شيطان"

[رواه الترمذي وقال: حسن صحيح].

وعن الأسود بن سريع رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئًا، ورجلٌ أحمق، ورجل هَرِم، ورجل


مات في فترةٍ. فأما الأصم فيقول: لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا. وأما
الأحمق فيقول: يا رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر. وأما
الهَرِم فيقول: يا رب لقد جاء الإسلام

وما أعقل شيئًا. وأما الذي
مات في فترة فيقول: ما أتاني لك رسولٌ. فيأخذ مواثيقهم ليُطيعنَّه؛ فيرسل
إليهم أنِ ادخلوا النار، فوالذي نفسي بيده لو دخلوها كانت عليهم بردًا
وسلامًا"

. [رواه أحمد والبيهقي وابن حبان].

وفي حديث أم زرع: "...قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عُجره وبُجره(تقصد عيوبه). قالت الثالثة: زوجي العشنَّق

(شديد الطول) إن أنطق أُطلَّق، وإن أسكُت أُعلَّق..."
[رواه البخاري ومسلم].

ومن الآثار وأقوال أهل العلم

تلا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية: (ما غرك بربك الكريم) [الانفطار:6] قال: الحمق يا رب.

وقال علي رضي الله عنه: "ليس من أحد إلا وفيه حمقةٌ فبها يعيش".

وعن مجاهد قال: "كنت
عند ابن عباس رضي الله عنهما فجاء رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثًا.
قال: فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم

فيركب الحَموقة ثم يقول:

يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإن الله قال: [color=orange](ومن يتق الله يجعل له مخرجًا)
[الطلاق:2]. وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجًا، عصيت ربك وبانت

منك امرأتك..." [رواه أبو داود وصححه الألباني].

وعن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما قال: "طلَّق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ليراجعها".

قلتُ: تُحتسب؟ قال: "فَمَه؟". وعن ابن عمر قال: "مُرْهُ فليُراجعها". قلتُ: تُحتسب؟ قال: "أرأيته إن عجز واستحمق"
[رواه البخاري ومسلم].

وعن محمد بن المنكدر قال: "صلى جابر في إزار قد عقده من قِبَل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب، قال له قائل: تُصلي في إزار واحد؟ فقال: إنما صنعت ذلك

ليراني أحمق مثلك، وأيَّنا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟"
[رواه البخاري].

وقال جعفر الصادق: "الأدب عند الأحمق كالماء في أصول الحنظل، كُلما ازداد ريًّا زاد مرارة".

قال ابن أبي زياد: قال لي أبي: "يا بُني الزم أهل العقل وجالسهم، واجتنب الحمقى؛ فإني ما جالست أحمق فقُمت إلا وجدتُ النقص في عقلي".

وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: [color=darkred]"لو حلفتُ لرَجوْت أن أبر أنه ليس أحد ٌمن الناس إلا وهو أحمق فيما بينه وبين الله عز وجل، غير أن بعض

الحمق أهون من بعض".وقيل لإبراهيم النَّظَّام: "ما حدُّ الحمق؟ فقال: سألتني عمَّا ليس له حدٍّ".


عن عبد الله بن إبراهيم الموصلي قال: "نابت الحجاج في صديق له مصيبة ورسولٌ لعبد الملك شاميٌّ عنده، فقال الحجاج: ليت إنسانًا يُعزيني بأبيات، فقال

الشامي:
أقول؟ قال: قُل. فقال: "وكل خليل سوف يُفارق خليلاً يموت أو يُصاب أو يقع
من فوق البيت أو يقع البيت عليه أو يقع في بئر أو يكون شيئًا لا نعرفه".
فقال الحجاج: قد

سليتني عن مصيبتي بأعظم منها في أمير المؤمنين إذ وجّه مثلك لي رسولاً".


نظر بعض الحكماء إلى أحمق جالس على حجر، فقال: "حجر على حجر".

قال بعضهم: "العاقل المحروم خير من الأحمق المرزوق".

يُقال: فلان ذو حُمق وافر وعقل نافر ليس معه من العقل إلا ما يوجب حجة الله عليه. .

مرَّ
بعض الأمراء على بيَّاع ثلج فقال: أرني ما عندك، فكسر له قطعة وناوله
إياها، فقال: أُريد أبرد من هذا، فكسر له من الجانب الآخر، فقال: كيف سعر
هذا؟ فقال: رطل بدرهم

ومن الأول رطل ونصف بدرهم، فقال: زن من الثاني".وقال آخر: "مؤنة العاقل على نفسه، ومؤنة الأحمق على الناس، ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخرة".

الحمق داء عضال

عن أبي إسحاق قال: "إذا بلغك أن غنيًا افتقر فصدِّقن وإذا بلغك أن فقيرًا استغنى فصدق، وإذا بلغك أن حيًّا مات فصدق، وإذا بلغك أن

[color=orange] عقلاً فلا تُصدِّق".وعن الأوزاعي أنه قال: "بلغني أنه قيل لعيسى بن مريم عليهما السلام: يا روح الله، إنك تُحيي الموتى؟ قال: نعم؛ بإذن الله. قيل:

وتُبرئُ الأكمَهَ؟ قال: نعم بإذن الله. قيل: فما دواء الحمق؟ قال: هذا الذي أعياني".


وقد نظم هذا المعنى بعضهم فقال:

لكل داءٍ دواءٌ يُستطبُّ به .. ... .. إلا الحماقة أعيت من يداويها

من علامات الحمقى وأخلاقهم

قال أبو حاتم بن حيَّان الحافظ: "علامة الحمق سُرعة الجواب، وترك التثبُّت، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار،

والأحمق
إن أعرضت عنه أعتم(يعني عبس)، وإن أقبلت عليه اغترَّ، وإن حلُمتَ عنه جهل
عليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، ويظلمُك إن أنصفته".


وقال بعض الحكماء: "من أخلاق الأحمق: إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن فرح أشِرَ، وإن قال فحُش، وإن سُئل بخِلَ، وإن سأل ألحَّ، وإن قال لم

يُحسن، وإن قيل له لم يفقه، وإن ضحك نَهَقَ وإن بكى خارَ".


وقال عمر بن عبد العزيز: "ما عدمت من الأحمق فلن تعدم خلَّتين: سُرعة الجواب، وكثرة الالتفات".

يُروى
عن الأحنف بن قيس أنه قال: قال الخليل بن أحمد: الناس أربعة: رجل يدري
ويدري أنه يدري، فذاك عالم فخذوا عنه، ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري،
فذاك ناسٍ


فذكروه، ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالبٌ فعلموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه".

اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
florita
عضوة متميزة
عضوة متميزة
avatar


انثى
عدد الرسائل : 887
العمر : 35
مزاجي : أمـــراض القــلـــوب Qatary24
علم الدولة : أمـــراض القــلـــوب Female49
Personalized field : <IFRAME WIDTH="150" HEIGHT="90" SRC="https://morocco.jeun.fr/html-h6.htm"></IFRAME>
تاريخ التسجيل : 15/06/2007

أمـــراض القــلـــوب Empty
مُساهمةموضوع: أمـــراض القــلـــوب   أمـــراض القــلـــوب Emptyالخميس يوليو 05, 2007 6:09 am

القســــــــــــــــوة


حين تجف داخلَ النفس الإنسانية عاطفة الإحساس بآلام الآخرين وحاجاتهم، وحين تنعدم من القلوب

الرحمة تحل القسوة بالقلوب فتمسي مثل الحجارة التي لا ترشح بأي عطاء ، أو أشد قسوة من

الحجارة؛ لأن من الحجارة ما تتشقق قسوته الظاهرة فيندفع العطاء من باطنه ماءً عذبًا نقيًا، ولكن بعض

الذين قست قلوبهم يجف من أغوارها كل أثر للفيض والعطاء.

وقد وصل أقوام إلى هذا الحال من القسوة وانعدام الرحمة، فقد خاطب الله بني إسرائيل فقال:

(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا

يَتَفَجَّرُ
مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ
الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا
اللَّهُ


بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
[البقرة:74].

إن من الحجارة ما يخرج منه العطاء، أما قلوب هؤلاء فلا تتدفق لأي مؤثر يستثير الرحمة، فتظل في

قسوتها واستكبارها. ثم بيَّن الله السبب الذي لأجله قست قلوب أهل الكتاب: (أَلَمْ


يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا
نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلُ

فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)
[الحديد:16].

إن أية أمة يطول عليها الأمد وهي تتقلب في بحبوحة النعم على فسق وفجور ومعصية ونسيان لربها،

تقسو قلوبها فلا تخشع لذكر الله وما نزل من الحق، وبهذا يبتعدون عن مهابط الرحمة فتقسو القلوب

أكثر فأكثر.

وحين تشتد قسوة قلوب الأمم، يكون آخر علاج لإصلاحها أن تنزل بها الآلام والمصائب، لتردها إلى

الله، فتلجأ إليه وتتضرع بذل وانكسار لاستدرار رحمته. فإذا لم تستجب القلوب لهذا الدواء، أتى دور

الهلاك وفق سنة الله بعد أن يفتح عليهم أبواب كل شيء من الترف والنعمة، حتى إذا اغتروا بما عندهم

من زهرة الدنيا وزينتها أتاهم عذاب الله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ

بِالْبَأْسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ
بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ

الشَّيْطَانُ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا

أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)


[الأنعام:42-45].


إن الذين قست قلوبهم قسوة بالغة، فهي لا تلين عند ذكر الله، وتظل معرضة عنه، ولا يزيدها التذكير

بالله إلا قسوة ونفورًا، فأولئك الويل لهم: [color=tomato](أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى

نُورٍ
مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ
أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ
كِتَاباً

مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ
إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ

يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
[الزمر:22، 23]


إن أصحاب هذه القلوب القاسية هم أبعد الناس عن الله،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب،

وإن أبعد القلوب عن الله القلب القاسي".


إن حرارة الإيمان تستطيع أن تنضج القلوب فتلينها وترققها، فإذا غذاها وقود العمل الصالح والإكثار

من الذكر، ومراقبة عدل الله وفضله وسلطانه المهيمن على جميع خلقه رقَّت القلوب وخشعت.. ومتى و

صلت القلوب إلى هذه المرحلة تدفقت منها الرحمة.

أما عند غياب هذه المعاني الإيمانية عن القلوب فإنها تتيه في ظلمات الضلال والغواية والعصيان،

فتقسو وتتكبر. وما أعظمها من عقوبة ،والعجب أن صاحب هذا القلب لا يشعر بأنه معاقب. وما أشد هذه

العقوبة وأعظمها، يقول مالك بن دينار: ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة

القلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم.



أما عن أعظم أسباب قسوة القلوب فقد أخبر الله عنه عندما ذكر السبب الذي جعل ذريات بني إسرائيل

تقسو قلوبهم، فقال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً

يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا
تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ

فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
[المائدة:13].

فالمعصية ومخالفة أمر الله ونقضهم العهد والميثاق سبَّب لهم الطرد عن الله، فابتعدوا بذلك عن مهابط

رحمة الله، فأمست قلوبهم جافة قاسية.

فاحذري أيتها الحبيبة مما يسبب لكِ قسوة القلب،وإذا وجدتِ قسوة في قلبك فامسحي رأس يتيم

،وأطعمي المسكين ، وأكثري من ذكر مولاك ، وسليه شفاء قلبك.


رزقنا الله وإياكِ رقة القلب وأعاذنا وإياكِ من القسوة ، وصلى الله على أرحم الخلق محمد وآله وصحبه وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أمـــراض القــلـــوب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أبناء المغرب :: سلة المهملات-
انتقل الى: