®-- ليتني أكلت ما يأكلون... .--®--

بسم الله الرحمن الرحيم
اعزائي الكرام احييكم بتحية الاسلام...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
---------------

شاءت الأقدار و الصدف أن يلتقي الرفاق من جديد بعدما كانوا قد فارقوا مقاعد الدراسة منذ أمد طويل...
وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي...
و كانوا قد قرروا زيارة ذلك الأستاذ الحكيم الّذي أصبح عجوزا أحيل إلى التقاعد...
ذاك الأستاذ الحكيم الذي اخذوا منه من نصح و حكم ما أفادهم كثيرا في مسيرتهم في الحياة...
وبعد عبارات التحية والمجاملة و بينما هم جلوس يتبادلون أطراف الحديث و شريط الذكريات..
أبدى كل منهم تشاؤما و طفق يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر . ...
لم يقل الأستاذ الحكيم شيئا و اكتفى بالاستئذان على انه سيحضر أكواب قهوة....
و بعد حين عاد يحمل إبريق قهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون
أكواب صينية فاخرة ..أكواب حديدية .. أكواب زجاج عادي.. أكواب بلاستيك..
وأكواب كريستال ....
بعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن..
بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت ....
طلب الأستاذ من طلابه القدماء أن يصب كل واحد منهم لنفسه القهوة..
وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بكوب تكلم الأستاذ مجددا و قال..:
هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم...
وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟؟؟
اندهش الحضور من السؤال و الملاحظ فخيم الصمت على الأجواء
و لم يجرؤ احدهم على الإجابة
فأكمل حديثه بالقول...:
من الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل
وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر..
ما كنتم بحاجة إليه فعلا هو القهوة وليس الكوب..
ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة..
و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين ...
فلو كانت الحياة هي القهوة..
فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب
وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة ونوعية الحياة
القهوة تبقى نفسها لا تتغير و عندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين
وبدل ذلك أنصحكم بالاستمتاع بالقهوة ...
و هكذا يكون الحكيم قد لقن طلابه درسا جديدا....
علمهم أن هناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه
مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائما ما عند الآخرين
ياكل ما يشتهي و يظل مراقباً لأطباق الآخرين ويقول: ليتني أكلت ما يأكلون ..
و علمهم إن الإنسان عليه إن لم ينل ما يحب من الحياة...
أن يحب ما نال منها...
فهل بتنا حقا نغفل عن اساسيات الحياة و نلهف وراء شكلياتها...؟؟؟
و ما الدافع و المبرر لما آل اليه الحال...؟؟؟
في انتظار آرائكم و حواراتكم