عدوّة الصغار الطفل الذي يشهد دوماً خلافات والديه يكون قليل ا

إن القدرة على الإدراك وملاحظة الوقائع والتواصل مع المحيط تبدأ مع طفلك تلقائياً بعد الولادة. وبالتالي، فإنَّ كل ما يمكن أن يحدث من حوله يكون عاملاً مؤثراً في شخصيته وسلوكه الفردي والإجتماعي الذي يرافقه في كل مراحل حياته. «سيدتي» اطلعت على تأثير المشاكل اليومية على شخصية الأطفال من خلال شهادتين معبّرتين:
.


الرياض ـ عبير بو حمدان


في هذا الإطار، تتحدّث وصال (31 سنة) عن تجربتها، بالقول: «كنت أشاهد مشهداً عنيفاً خلال نشرة الأخبار حين دخلت ابنتي البالغة من العمر آنذاك خمس سنوات فارتعبت للغاية، وتبدّل سلوكها منذ ذلك الحين، وبات الخوف يسيطر عليها تماماً حتى أثناء نومها. وقد استيقظت مراراً على صوت بكائها من جرّاء كابوس مخيف». وتضيف: «تبلغ ابنتي اليوم السابعة من عمرها، ولا تزال تلك الصورة عالقةً في ذهنها وقد حوّلتها إلى طفلة انطوائية تخاف التواصل مع الناس. ولقد حاولت استشارة طبيبٍ نفسي، وأكّد لي أنَّ ذلك أثَّر كثيراً على شخصية طفلتي، ولذا عليَّ مداراتها، وتعريضها لأكبر قدر ممكن من الصور الإيجابية التي ستقف حاجزاً أمام الخوف الذي تشعر به».
أمَّا ملاك (39 سنة) فتشرح مشكلتها بالقول: «الحمد لله أنّي تداركت مشكلة ابني البالغ من العمر أحد عشر عاماً قبل أن تتحول إلى عقدة دائمة! فكل الأحاديث كانت تجري أمامه من مشاكل العمل إلى احتياجات المنزل والمستحقات المالية، حتى خلافاتي مع أبيه أثّرت عليه سلباً ما حدا به إلى القول: «لن أتزوج حين أكبر لأني لا أرغب في مواجهة هذه المشاكل». ومنذ ذلك الحين، عقدت العزم مع والده على عدم تعريضه لخلافاتنا اليومية مجدداً، والآن أرى أنّ الصورة تتحسن لديه تدريجياً».


تفسيرات تخفيفية



وتشرح الدكتورة في علم النفس الحديث طاهرة محمد «ان شخصية الطفل تتكوّن نتيجةً لظروف معينة ينشأ فيها»، مضيفةً «أن ما يؤثّر سلباً على الطفل يتمثّل في المشاكل المنزلية.فمن الملاحظ أن الطفل الذي يشهد دوماً خلافات والديه هو قليل الكلام، ويتأنّى حين يتحدث خوفاً من أن يزيد المشكلة سوءاً، ولا يحمل في مخيّلته نموذجاً جيداً في العلاقات والسلوك الفردي والإجتماعي».
وإذ توضح «أنه ليس مطلوباً أن يتمّ فصل الطفل عن واقعه لأنَّ مشاهداته الخاصة تكوُّن له ثقافته وارتباطه بمحيطه الإجتماعي»، تذكّر «أنه من الضروري التخفيف من الآثار السلبية لمشاكل الحياة وتعقيدات المجتمع التي قد تطرح على مسمع الطفل أو تنقلها إليه وسائل الاتصال الحديثة، وذلك من خلال تقديم التفسيرات المبسّطة التخفيفية وجعل الطفل أكثر تفهّماً، وأكثر قدرةً على رسم حدود بين التأثيرات الخارجية وبراءة طفولته التي قد تكون مهددةً بفعل هذه الأعباء العاطفية. فتشابك هذه التأثيرات مع خيال الطفل وعدم فهمه لحقيقة الأمور قد يحوّلها من مخاوف عادية إلى رهاب وأزمات نفسية حادة».




مسؤولية تضامنية


وتؤكّد الدكتورة محمد أنّ المسؤولية تضامنية بين الأهل والمدرسة، وتتمثّل في إرشاد وتوعية الوالدين لطفلهما ومساعدته على تفهّم الموضوع كأن يقال له مثلاً لتعليل الخلافات الزوجية بأنها أمور عادية تحدث مع كل عائلة وهي لا تعني غياب المحبة، وذلك بطريقة مبسطة وواضحة لأنَّ الأمر يطاله مباشرةً.
وبالمقابل، يجدر بالمدرسة متابعة سلوك الطفل وتصرفاته بشكلٍ دائم، ومحاولة معرفة الدوافع وراء تصرفاته الغريبة، والتواصل الدائم مع الأهل.

بارك الله فيك على الموضوع