ذكريات الطفولة

يمر الزمان.. وتتغير ملامح الانسان. وأبعاد المكان.. ولكن تبقى الذاكرة راسخة .. توثق لأجمل اللحظات والمواقف فالجانب الأكثر إشراقا من ذاكرتي هي ذكريات الصبا والطفولة تظل حاضرة يقظة..بكامل عنفوانها برغم تلاحق الأحداث واحتشاد المواقف. أراهــا وأستشف لحظاتها كأن لو كانت بالأمس القريب..أحداث مضت قبيل ساعة تسقط فريسة النسيان لغرابــتها لكن ذكريات الصبا والطفولة تبقى تزين جدرانها ...
(الشتا تتا أوليدات الحراثى ..عيطولي على بـابــا ..يشري لي الجلبة..الجلبة عربية و الطجين دلوبيا ....).. جملة كنا نرددها في الطفولة عند إطلالــة كل فصل شتاء بأجوائه الباردة وأمطار الخير التي تصاحبه.. إذ يحمل كل منا ألعابه و حاجاته و نظل نتجول عبر الأزقة والدروب ونحن ننشد هــذا النشيد ..لحظات راسخة في الذاكرة ...فمرارا كان الخوف.. والفزع هو سيد الموقف في تلك الأيام يوم تسير شائعة في الحي تقول: إن كائنا خرافيا يحوم هذه الأيام حول المنطقة بأسرها وربما يغشى حينا في ليلة من الليالي.. ومما يزيدنا رعبا نحن الأطفال تلك القصص المخيفة التي كان يرددها آباؤنا لنا عن تلك السيدة التي تدعى (عائشة قنديشة )التي تحمل طاقة كبيرة ، أيكون قد تعمد آباؤنا إخافتنا، أم أنها فعلا بهذه الأوصاف.. أسئلة كثيرة تدور بينا نحن الأطفال.. والحق أنني لا أعلم إلى الآن من تكون عائشة قنديشة التي تسكن الغابة ...
من منا لا يتوق لأيام الصبا.. وقت كانت أحلامنا بقامة قبابنا التي كنا نبنيها من الطين.. والرمل.. ولكن لا تلبث أن تنهار قبابنا.. فتتلاشى أحلامنا الصغيرة في جوف الأسى الذي ارتسم على وجوهنا..
لحظات من حزن طفولي بريء تكسو ملامحنا قبل أن تنفرد أساريرنا بفرحة تحمل الأمل بمعاودته التحليق في دنيا أحلامنا الصغيرة.. فنعيد مرة أخرى بناء قبابنا التي تضم أحلامنا الصغيرة.. يا لتلك الفرحة التي كانت تغمرنا.. ونحن نعيد بناء الحلم من جديد..
ذات الفرحة كانت حاضرة في ليلة العيد حين كنت مستلقيا على سريري واضعا ملابسي الزاهية الألوان تحت وسادتي.. أستلقي وجوارحي كلها ترقب صباح العيد بندائه المحبب المألوف ..الله أكبر .الله أكبر. لا إله إلا الله. الله أكبر. الله أكبر. ولله الحمد. وما أن تشرق شمس الصباح.. حاملة معها بشريات العيد السعيد حتى تعم الفرحة .... الناس مزدانون في أبهى صورة.. والشوارع تضج بأهل العيد وهناك على ساحة الحي كانت أرجوحتنا نحن الأطفال ..فكم كنت أحب الأرجوحة وأنا أتأرجح في الساحة أشعر وكأنني ملك يتأرجح في حديقة قصره ... وما الضوضاء والأغاني التي تنبعث من أطفال الساحة إلا أهازيج يترنم بها من في القصر ... ولكن ما لهذا الملك يتحسس جيبه من حين لآخر وهو على الأرجوحة لابد وأنه يطمئن على دراهيمه التي جاءته عطية في العيد السعيد يا لكرم أهل الحي حين يجيئ العيد السعيد.
حشود من ذكريات الصبا والطفولة تقف على حافة الذاكرة تصارع قوى النسيان بعنف وتأبى أن تسقط.. تصارع وكأنها سقيت إكسير البقاء فمــا أجملها من ذكريات...

جميل
سارجع لاحقا
لمتابعة

هههههههههههههههه موضوع في قمة الروعة بصراحة ضحكت من كل قلبي وخصوصا عن عائشة قنديشة لكن فعلا اتساءل هل هذه شخصية حقيقية موجودة ام انها خرافة لكن لا ادري اعتقد انها خرافة فقط يلجؤون اليها الاهل لاخافتنا خخخخخ انا عندما اكون بالامارات اسمع كثرا " ام تويس " فهي مثل عائشة قنديشة في المغرب حتا اعتقدت ان لكل دولة شخصية مخيفة وشريرة مثل عائشة قنديشة .

اما عن الاغنية الذي ذكرتها فعلا متداول كثيرا عندما ينزل المطر كل الاطفال ينشدون بذالك النشيد واناشيد اخرى كثيرة فلكل مناسبة تقريبا نجد اناشيد لها يالها من ايام رائعة .

مشكور اخي على طرحك لمثل هذا الموضوع الاكثر من رائع واهنئك عليه بكل صراحة ولا تحرمنا من مواضيع من هذا النوع .

ذكريات راسخة في أذهاننا ولن تمحوها السنين أبدا . اشكرك أخي على هذه الخاطرة الجميلة عن طفولتنا وذكرياتنا البريئة